خطاب سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد خلال حفل اطلاق مبادرة سمع بلا حدود
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
والسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهْ
الحُضُورُ الكِرَامْ
بِحَمْدِ اللهِ عَلَى نِعَمِهِ عَلَيْنا أَبْدَأْ.
فَكَثِيراً مَا تَأْخُذُنَا الحَيَاةُ وَتُلْهِينا تَفَاصِيلُها عَنِ الشُّعُورِ بِالنِعَمِ فَنَعْتَبِرُها مُسَلَّماتْ، وَلَا نَعْرِفُ قِيمَتَها حَتَّى نَرَى؛ أَوْ نَسْمَعَ عَنْ؛ أَوْ نَشْعُرَ مَعَ مَنْ حُرِمَ مِنْها.
وقالَ تَعَالى فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ }وَهُوَ الذّي أَنْشَأَ لَكُمِ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَليلاً ما تَشْكُرونْ{
صَدَقَ اللهُ العَظيمْ
قَبْلَ عَامَيْنِ قَابَلتُ أَطْفالاً حُرِمُوا مِنْ حَاسةِ السَّمْعْ
وَلَمْ تُفارِقْني فِكْرَةُ طِفْلٍ صَغيرٍ يَنامُ وَيصْحُو دُونَ أَنْ يَسْمَعَ صَوْتَ أَبَوَيْهْ، وَدونَ أَنْ يَسْمَعَ الأَنَاشِيدَ وَالقِصَصْ. قَابَلْتُ أَهَالِيَ يَنْتَظِرُونَ اليَوْمَ الذّي يَسْتَطِيعُونَ فِيهِ أَنْ يَسمَعَ طِفْلُهُمْ حُبَهُمْ وَدُعَاءَهُمْ لَهُ، ويُسْمِعُهُمْ كَلِمَاتِهْ.
ذَلِكَ الطِّفْلُ المَحْرُومُ مِنْ سَماعِ الدُّنْيا ... تُحْرَمُ الدُّنْيا مِنْ سَماعِهِ!
فِي الأُرْدُنِّ يُوْلَدُ ثَلاثْمائَةِ طِفْلٍ سَنِوياً بِإِعَاقَةٍ سَمْعِيَةٍ وَيَنْتَظِرُونَ مُسَاعَدَتَنا لِيَسْمَعُوا وَيَتَكَلَّمُوا .. فَعَدَمُ النُّطْقِ مُلَازِمٌ لِعَدَمِ السَّمَعِ... فِي هَذِهِ الحَالَاتِ دَائِماً.
فُرْصَةُ هَؤلاءِ الأطْفالِ كَبيرةٌ بِأَنْ يَنْعَموا بِالسَّمْعِ والنُّطْقِ بِطَريقةٍ طَبِيعِيةٍ إِذا مَا تَمَّ التَّدَخُلُ الطِّبيُّ قَبْلَ أَنْ يَصِلوا سِنَّ السَّادِسَة.
فِي عَامِ 2003 بَدَأَ جَلَالَةُ سَيَّدِنا المَلكِ عَبْدِ اللهِ الثَّاني بِحُنُوِ أَبٍ عَمَلِياتِ زَرْعِ قَوْقَعَةِ الأُذُنِ بِمَكْرُمَةٍ مَلَكِيَّةٍ، وَمُنْذُ ذَلِكَ التَّارِيخِ وَنَحْنُ نَسيرُ قُدُماً لِتَأْمينِ السَّمْعِ لِأطْفالِنا، وَأَصْبَحَ لَدَيْنا أَطِبَاءُ مِنْ كِبارِ الأَخِصائِيينَ فِي هَذِهِ العَمَلِيةِ والمُمَيَّزينَ عَلى مُسْتَوى العَالَمْ؛ وَبَعْضَهُم حاضِرٌ بَيْنَنا. أَوَدُّ أَنْ أَشْكُرَهُمْ عَلَى جُهُودِهِم وتَفانِيهِم، كَما أَشْكُرُ الخَدَماتِ الطِّبيَّةِ المَلَكِيةِ وَوَزَارَةِ الصَّحَةِ ومُستشفى المَلِكِ المُؤَسِّسِ عَبْدِ اللهِ الجَامِعيّْ عَلَى شَرَاكَتِهِمْ مَعَ المُبادَرَةِ، والتي أَثْمَرَتْ زِرَاعَةَ خَمْسِمائةِ قَوْقَعَةٍ تَقْريباً؛ وتأهيلَ الأطفالِ لِدُخولِ عَالَمِ السَّمْعِ والتَّواصُلِ مَعَ العَالَمِ ومُجْتَمَعِهِمْ بِصورَةٍ كامِلَة.
كَما أَوَدُّ أَنْ أَشْكُرَ شَرِكَةَ (Med El) النَّمْسَاوِيَةَ التي تَبَرَعَتْ لِهَذِهِ المُبادَرَةِ بِثَلاثينَ قَوْقَعَةٍ، والطَّبيبَ الألْمانِيَّ Matthias Tisch الذي قَامَ اليَومَ، وكَعَادَتِهِ مُنْذُ خَمْسِ سنواتْ، بِزِراعَةِ جُزْءٍ مِنْ هَذِهِ القَوَاقِعِ لِأَطْفالِنا بِمُشارَكَةِ فَريقٍ مِنْ أَطِّبائِنا في الخَدَماتِ الطِّبْيَّةِ المَلَكيةْ.
مَعاً وَمِنْ خِلالِ مُبادَرَةِ (سمعٌ بِلا حُدودْ) نَسْتَطِيعُ أَنْ نَجْعَلَ الأُرْدُنَّ خالِياً مِنَ الصَّمَمْ. فَفِي الأُرْدُنِّ الغَاليْ قُوَّتُنا بِإنْسَانِنا... والكّلُّ لَهُ صَوْتٌ، وصَوْتُ الجَميعِ مَسْموعْ. وتِلْكَ هِيَ الرِّسَالَةُ الهَاشِمِيَّةُ التي تَأَسَّسَ وَبُنِيَ وَتَعَزَّزَ عليها الأُرْدُنْ.
أَيُّها الحُضُورُ الكِرَامْ
كُلُّ قَوقَعَةٍ نُؤَمِّنُها لِطِفْلٍ مِنْ أطفالِنا تُكْمِلُ حَواسَهُ الخَمْسَةَ، وَنِعْمَةٌ تَتَغَيَّرُ مَعَها حَياتُهُمْ كُلُّها.
اليَوْمَ سَأَكُونُ صَوْتاً لِهَؤلَاءِ الأَطْفالْ... وَأَشْكُرُ لَكُمْ حُضُورَكُمْ، واهْتِمَامَكُمْ وعَطَاءَكُمْ لَهُمْ ... إلى أَنْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ شُكْرِكُمْ بِأَنْفُسِهِمْ بِإِذْنِ اللهْ.
والسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهْ.